التسميات: ,

مناسبة خضر الياس في تلعفر ( 2 )

                   

               مناسبة خضر الياس في تلعفر ( 2 )




ان طبيعة المجتمع الزراعي - الامّي كانت تفرض على السكان مراقبة الاحوال الجوية وتقلبات الطقس خلال السنة ، هذه الطبيعة هي التي توصلت الى يوم فاصل محدد يرتبط بالقوت الاساسي لسكان تلعفر حتى قال قائلهم : ان من يزرع قبل خضر إلياس سيحصد ثمرة ما زرعه ، اما من يزرع بعد خضر إلياس فلن يحصد شيئاً او ان حصاده لن يكون وفيراً 
لذلك نرى يقينا ان هذه المناسبة لاتمت الى المناسبات الاسلامية بأية صلة ﻻ من قريب او بعيد لعدة اسباب منها : 

1- لم نجد لها اي ذكر او تأصيل شرعي في مصادرنا الاسلامية والتاريخية المعتمد عليها ، ومن اﻻرجح انها ذات اصول نصرانية فللنصارى عيد شبيه بخضر الياس يسمونه ( عيد ماربهنام ) ، ولقد وجدنا في مصادر اخرى ان المقام الذي يعلو التلة الصغيرة الى الجنوب من مركز قضاء تلعفر بمسافة ( 4 ) كم كان يعرف بـ ( دير مالق ) والذي يعود تاريخه الى القرن اﻻول الميلادي يوم كانت النصرانية هي الديانة السائدة في منطقة الجزيرة التي من ضمنها تلعفر

2- مشاركة ابناء الطائفة اﻻيزيدية في اﻻحتفال بهذه المناسبة وخاصة من مدينة سنجار المجاورة والمعروف عن اﻻيزيدية انها ديانة قديمة ثنوية المذهب اي ان العالم عندهم قسمين خير و شر او نور و ظﻻم ويقوم معتقدهم على تقديس ( طاووس ملك ) الذي هو ابليس الشيطان الرجيم حسب معتفداتنا الاسلامية ، كما لايعرف عن الايزيدية مشاركتهم في المناسبات الاسلامية 

3- هنالك مناسبات شبيهة بخضر الياس سواء في المجتمع العراقي ام في دول الجوار ، مثل اسطورة ( نوروز ) المقتبسة من المعتقدات الزرادشتية في بلاد فارس القديمة وهي ايضا احتفال بقدوم الربيع وميلاد سنة فارسية او كردية جديدة 

وفي سورية المجاورة ، في مدينة اﻻسكندرونة ( ضمت الى تركيا سنة 1939 ) مناسبة تشبه الى حد بعيد خضر الياس مسرحها ساحة كنيسة عزيز جورج التاريخية 

وفي مصر يحتفل السكان بإنتهاء الشتاء وقدوم الربيع بما يعرف عندهم بـ ( عيد شم النسيم ) وطقوسها مشابهة لطقوس خضر الياس عندنا ونوروز عند الاكراد ، وتزدهر اكثر في المناطق ذات الاغلبية القبطية ضمن القطر المصري وهي من التقاليد المقتبسة عن المعتقدات الفرعونية القديمة المرتبطة بظهور نجمة ( سبدة ) ايذاناً بفيضان النيل مع دخول الربيع 

4- شكل المقام وطريقة تصميمه ﻻ يوحيان بأنه معلم اسلامي

5- تضم المنطقة التي حول المقام وربما في المقام نفسه قبوراً لغير المسلمين من ابناء تلعفر 

في النهاية فإن خضر الياس مناسبة شعبية متجذرة في وجدان التلعفريين ﻻ تستطيع اﻻيام اقتلاعها بسهولة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق